في الكوت: الصينيون والروس يفطرون بـ”قيمر البتار” ويشربون شاي “فعيو”

سيف البدري27 أكتوبر 2016آخر تحديث :

KIRKUK, IRAQ: An oil well near the oil-rich suburb of Dibis...Kirkuk, the oil-rich city in northern Iraq, is home to Kurds, Arabs, Turkomen, Christians, Kakayi, and numerous other ethnicities. Since 2003, thousands of its residents have been killed or injured in terrorist attacks...As the US military leaves Iraq, the future of this violent and ethnically diverse city remains unsure...Photo by Pazhar Mohammad/Metrography

محمد الزيدي

يحاول العمال الأجانب في الكوت التأقلم مع المجتمع الذي يعيشون فيه جنوب العراق وتقاليده بل ويجربون بعض المأكولات العراقية من المطاعم والاسواق المعروفة هناك.

يبرّر العراقي علي الموسوي متانة علاقته بالعمالة الصينيين في حقل الأحدب النفطي كونهم جزءاً من حضارةٍ تتفهّمُ ثقافات الشعوب وترعى حرمتها، ولا تتبنى ما يتبناه بعض من ضيوف العراق الأجانب الذين دخلوا البلاد بعد العام 2003.

 ويعتقد الموسوي بأنه مثلما تفعل الثقافات المجتمعية فعلتها في تقريب المجتمعات البشرية بعضها ببعض، فأنَّ “للبيئة دورا كبيرا في دمج المجتمعات وهو ما لمسناه بالفعل عبر بعض الممارسات التي تظهرها العمالة الأجنبية (الصينية والروسية) في محافظة واسط ومناطق أخرى”.

علي، وغيره عيّنة من عينات سكنة مدينة الكوت والمناطق القريبة من حقول “الأحدب” و”كاز بروم” الذين يؤكدون حرص العمالة الصينية والروسية على محاولة الاندماج مع المجتمع المدني، والدفع باتجاه إقامة شبكة من العلاقات الودية مع أبناء تلك المدن، وهو ما يعتبر في أوساط هؤلاء المدنيين خطوة إيجابية تحسب لصالح هذه العمالة.

ومن المحبب عند هؤلاء أن “يبادر العديد من الصينيين إلى عدم تناول المشروبات الكحولية في شهر رمضان بشكل علني، احتراماً لقدسية هذا الشهر عند المسلمين” حسبما يكشف (أبو أحمد) وهو مترجم يعمل في حقل الأحدب النفطي والذي يؤكد – أيضاً – أنَّ بعضهم قد “لا يشرب حتى الماء أمام مرأى العمال العرب والعراقيين الصائمين”.

ويقول أبو أحمد لـ”نقاش”: ان “الصينيون وحتى الروس معجبون للغاية ببعض الثقافات المجتمعية العراقية كاحتفاليات الأعراس والمآتم، ويحترمون إلى حد بعيد ظاهرة التواصل المجتمعي بين المسلمين”.

 وبحسب المترجم فأنَّ العمالة الأجنبية في الكوت معجبة – أيضاً – بطبيعة العلاقة الاجتماعية بين العائلات ومعيشتهم جنباً إلى جنب.

ولم تقف علاقة العمالة الأجنبية بالمجتمع الواسطي عند حدِّ معين، بل تعدت إلى أبعد من ذلك كما يؤكد ذلك العامل في المطعم الصيني (هشام سلمان) كاشفاً عن أن “الصينيين يفضلون في بعض الأحيان تناول (قيمر البتار) في الفطور الصباحي مع شاي (فعيو) العراقي المصنع على الفحم، ويعتبرون ذلك وجبة غذائية دسمة”.

ويضيف لـــ”نقاش” ليس هذا فحسب، فالصينيون وحتى الروس يفضلون تناول الكباب العراقي المصنع محلياً باستمرار، ويسعون بين الحين والآخر إلى قضاء أوقاتٍ طويلة في المطاعم الشعبية داخل المدن.

ويشتهر سكنة حي البتار بتربية الجاموس وتصنيع مختلف أنواع الألبان ذات القيمة الغذائية العالية، فيما يكتسب بائع الشاي العتيد الحاج (فعيو) شهرة واسعة في المدينة ويُنظر إليهما من كونهما علامة بارزة في تاريخ المدينة.

هذا التواصل والتفاهم بين سكنة المدينة والعمالة الأجنبية يناقض ما شهدته محافظة البصرة جنوبي العراق في وقت سابق، حينما اضطرت شركة (دايو) الكورية الجنوبية العاملة في مشروع بناء ميناء الفاو الكبير، إلى عقد صلح عشائري تقليدي دفعت خلاله سبعة آلاف دولار إلى عائلة أحد العمال الذين تعرضوا إلى اعتداء بالضرب من قبل مسؤوله الكوري في موقع العمل.

وأشارت المصادر الصحفية حينها إن “مسؤولين كوريين في الشركة حضروا جلسة الصلح التي عقدت في قضاء الفاو، وانتهت بدفع إدارة الشركة فصلاً (تعويضاً) عشائرياً مقداره سبعة آلاف دولار الى إحدى العشائر”، مبينة أن “الجلسة العشائرية تمخضت أيضاً عن إعطاء العامل المعتدى عليه إجازة لمدة شهرين براتب كامل”.

“يحترم الصينيون والروس ثقافات المجتمع العراقي الى حد بعيد فهم حتى خلال تجوالهم داخل الأسواق الشعبية يسعون إلى ارتداء ملابس محتشمة ويراعون الذوق العام في تعاطيهم مع الفرد العراقي”، هكذا ببساطة يقول هشام سلمان لمراسل “نقاش”.

ويعمل في الحقلين النفطيين مئات العمالة الأجنبية من الروسية والصينية، بعد أنْ تمت المباشرة في استثمارهما في العام 2009، فيما لم يشر العمال الأجانب الذين التقتهم “نقاش” إلى وجود تقاطع بين ثقافاتهم وثقافات المجتمع العراقي، أو ما يقلق تواجدهم  داخل المحافظة الآمنة، إذ بدوا مطمئنين لاستمرار الاستثمارات الصينية والروسية، خاصة في ميادين استخراج النفط والكبريت والتجهيز.

وقال مسؤول في قسم العلاقات العامة في الشركة الروسية “بالعكس وجودنا بات مهماً في سوق العمالة العراقية، ونضطلع بمشاريع استثمارية كبيرة، بات المجتمع العراقي بأمس الحاجة لها”.

ويضيف “لم نلحظ أي عنصرية يظهرها الواسطيون تجاهنا، بل على العكس وجدناهم متعاونين ومحبين لنا ويسعون بشتى الطرق كسب وِدَّنا، وهذه مِيزَة تحسب للمجتمع العراقي”.