قطار العزيزية وتلال الشعيلة

Wasit News15 يونيو 2020آخر تحديث :

بقلم الباحث / محمود الداوود

بناية محطة توقف القطار في قضاء العزيزية والتي لم يتبقى منها الا الهيكل حيث كنت المتطقة تعج بحركة الوافدين والمسافرين ، فقد كان القطار الذي يمر من العمارة والكوت يخترق مدينة العزيزية ويستقر بعد ذلك في معسكر الهنيدي معسكر الرشيد فيما بعد ..لذا صممت شوارع مدينة العزيزية لتراعي ذلك. ففي كل المدن الصغيرة والمدن المشابهه ترى الشوارع والازقة ملتوية الا في مدينة العزيزية فان جميع شوارع محلة سراي الحكومة مستقيمه ومتعامدة اذ كانت هذه المدينة معسكرا لجيش الجنرال الإنكليزي طاوزند وقد خطط هذا الجنرال معسكره بانتظام وعلى نمط الانجليز ، وكانت داخل المدينة بناية ملاصقة لجامع للامام علي عليه السلام عبارة عن بنكلة تابعة للسكك الحديد ، بعد الحرب العالمية الثانية انتقلت سكة القطار الى مايسمى لدى أهالي العزيزية ( بدرب الفوك ) بالقرب من تلال الشعيلة وكانت هذه المنطقة بسبب حركة القطار عامرة بالمقاهي والمطاعم التي يديرها عدد من ابناء البلدة .
ودرب الفوك يقع على بعد ثلاثة كيلومتر شرق المدينة بالقرب من تلال الشعيلة وهي كثبان رملية وترابية وتلول متوسطة الارتفاع لايرقى الماء اليها لهذا اتخذها السكان ملاذا آمنا حينما اكتسح الفيضان المدمر الجارف

العزيزية يوم الحادي والثلاثون من آذار سنة ١٩٤٩م
……
قصة قطار بصرة بغداد برلين

في تشرين الأول من عام ١٨٨٩م ، وصل القيصر الألماني فيلهلم الثاني إلى ميناء إسطنبول. استُقبل وهو ينزل من على متن سفينته هنتسوليرن على وقع ٢١ طلقة من مدفعيات سفينتين عسكريتين رافقتاه من ألمانيا، وترانيم نشيد الإمبراطورية البروسية تصدح في العاصمة العثمانية. كان الهدف من الزيارة تعميق علاقات الصداقة بين الإمبراطوريتين، والمصير المشترك في السياسية والجغرافيا. وقد عبّر مشروع ربط بغداد ببرلين بسكة حديدية عن كل ذلك وأكثر، في إشارة إلى تعزيز المنافع الاستراتيجية بين تركيا السلطانية وألمانيا الإمبراطورية. المشروع الطموح الذي روّج وتحمس له قيصر ألمانيا “الحاج غليوم”، كما أطلق عليه العرب والمسلمون، كان يفيض بمؤشرات العلاقة الحميمة البادية بين حليفين جديين، والموجهة ضد أخصام المستقبل.
استمرت زيارة القيصر المشرقية مدة ستة أسابيع تجوّل خلالها في أنحاء بلاد الشام لتزداد حماسته إلى تنفيذ مخططه، ممارساً ضغطاً هائلاً على المصرف الألماني العريق دويتشه بنك الذي أوكلت إليه مهمة التمويل. حتى أن الرئيس التنفيذي للمصرف غيورغ فون زيمنس، المتردد نظراً إلى المخاطر الكبيرة المحيقة بالمشروع، وقف عاجزاً أمام ضغوط القيصر، ليقول كلمته الشهيرة: “إلى الجحيم بهذا الامتياز وبقطار بغداد” خطط المهندسون الألمان لمد سكة حديدية طولها ألف وستمئة كيلومتر، تربط إسطنبول ببغداد ومنها إلى البصرة على شط العرب، ما يعني ربط الشرق الأوسط بالقارة الأوروبية، وبالتالي وصول الألمان إلى بغداد والخليج وإلى درة التاج البريطاني، الهند.
وقد أغضب هذا الأمر الإنكليز، بالرغم من إظهارهم مباركتهم الأولية للمشروع، إذ إن التقارب العثماني الألماني كان يخدم أهدافاً سلطانية، ما يبرر الاستياء الإنكليزي والفرنسي منه. لم يكن التطوير والتحديث بعيداً عن نهج السلطان العثماني عبد الحميد الثاني. يُسجَّل له إدخال آلة التلغراف إلى أراضي السلطنة لأول مرة. أما هذا المشروع، فكان يمثل فرصة للإمبراطورية العثمانية للحاق بركب الدول الصناعية، إذ كانت تشكو من تخلف كبير في قطاع النقل، وتحديداً نقل البضائع والقوات العسكرية من شرق الإمبراطورية إلى أرجاء أخرى منها، والذي كان يتطلب أشهراً عديدة. هذا بالإضافة إلى العنوان الحداثي الذي يمثله المشروع، عنوان ودعاية كان الباب العالي في أمس الحاجة إليهما، إذ كانت الصحف الأوروبية تتحدث كثيراً عن تخلف رجل أوروبا المريض (الدولة العثمانية) يومها.