فحوصاتك …لشهر رمضان

Wasit News14 يوليو 2012آخر تحديث :
Wasit News

20120714-160046.jpg

بقلم : صباح مهدي السلماوي
عندما تحاول الالتحاق بدورة خارجية كانت ام داخلية دورة خاصة مثلا بعملك تحتاج فيها الى تحضير كافة المستلزمات كي يسمح لك بالانخراط في هذه الدورة او هذا العمل ، ومن اجل الحصول على هذه الشهادة تقوم بعدة اختبارات مثلا كاختبار النظر او السمع والبصر والدم او اختبار مدى اهليتك او مستواك العلمي وغيرها وهي بهذه الحال تثبت باهليتك لدخول هذا المضمار .
ونحن في الأيام القليلة القادمة على وشك الالتحاق بمهمة ودورة ليست ككل الدورات، وسنمارس ركنا من أركان الإسلام، وهنا لن يطلب منا أن نقدم شهادة او خبرة او أي شيء بل يجب ان نقدم قلبا طاهرا خالي من أداران الدنيا الزائلة متجها بكل ما أوتي من قوة نحو بارئ النسمة ؛ آملين أن نفوز بفرحتي الصائم التي وعد بهما، وحتى نحظى بما نرى، فعليا ان نجري عددا من الفحوصات لنرى مدى استعدادها لهذا الشهر الفضيل، بل ونصلح ما اختل منها طوال العام من أجل أداء أفضل وعبادة أكثر إتقانا .
كل ما تحتاجه منك تلك الفحوصات والعلاج بعض الوقت، ولكن النتيجة كبيرة بإذن الله، فهل أنت مستعد لأن تمنح نفسك ومستقبلك بعض الوقت؟ إذن فلنبدأ معا بدخول غرفة الفحص ، فاول فحص :
1. عيادة القلب :
في احدى المحاضرات القيمة قال جملة جميلة احب أن أنقلها لكم، تلخص مفهوما غاية في الأهمية قال: “إن الرسول (ص) جاء ليهدم أصنام الشعور قبل أن يهدم أصنام الصخور ، حيث أمضى الجزء الأول من دعوته في تخليص الناس من صفاتهم الجاهلية وإبدالها بصفات أرقى”، وعرف المحاضر صنم الشعور بأنه : “هو ما اعتاد الشخص على ممارسته حتى أصبح يمارسه دون شعور، ولا يستطيع الخلاص منه ، فيفقده حريته، كأن تقول مثلاً: أنا لا أستطيع أن أبدأ يومي أو أفكر دون ان امارس كذا عمل …
وهنا في غرفة الفحص لابد وأن تعرض نفسك على جهاز فحص أصنام الشعور لديك.. هل هناك عادة استحوذت عليك وأفقدتك حريتك، وأصبحت عبدا لها، كتثبيط المتفائلين أو الحقد على أفكار الغير أو تتبع العورات؟ والنتيجة سرية جدا ولن يطلع عليها غيرك ، هذا بالنسبة للجهاز الاول .
اما الجهاز الثاني في غرفة الفحص: هو جهاز مهم أيضا خاص بفحص أمراض القلوب، والتي منها :
النفاق، والرياء، ومرض الشبهة والشك والريبة، وسوء الظن، والحسد والغيرة، والكبر والإعجاب بالنفس واحتقار الآخرين والاستهزاء بهم، والحقد والغل، واليأس، والهوى ومحبة غير الله، والخشية والخوف من غير الله، والوسواس، وقسوة القلوب، والتحزب لغير الحق .
ونحن هنا فقط للفحص، أما إذا أردت التشخيص المفصل والعلاج الفوري فعليك التوجه إلى العيادات المتخصصة حيث تجدها في بطون الكتب التي ملأ ارجاء المعمورة ومع الاسف الشديد ابتعدنا عنها كل البعد .
أما الجهاز الثالث فهو جهاز يعطيك نتيجة فحص شاملة عن القلب، ومعايرة هذا الجهاز تعتمد على تعريف وضعه المختصون عن سلامة القلب، ملخصها: إن “القلب السليم هو القلب الذي لا يشتهي شهوة لا ترضي الله، كما أنه لا يصدق خبرا يتناقض مع وحي الله، ثم إنه لا يحكم بغير شرع الله، ولا يعبد غير الله” ، انظر إلى نتيجة الفحص، إذا وجدت خللا ما فالعلاج بسيط وهو توبة نصوح إلى الله مع الدعاء أن يرزقك هذه التوبة وقبل أن تخرج من عيادة القلب، عليك أن تستمع إلى هذا الحديث قال رسول الله (ص): “إنّ الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم” .
2. عيادة النظر :
الجهاز الأول في عيادة النظر يحدد لك النسبة المئوية لحسن استخدامك لعينيك وبصرك، من حيث غض البصر عن المحرمات “وخصوصا الان في مجتمعنا وما ملأ من قساوة لدى النساء في التبرج الفاحش مع شديد الاسف”، وقراءة القرآن، وتعلم العلم، وحضور الدورات والمحاضرات، وعلى أساس هذه النسبة حدد مدى استفادتك من عينيك وبصرك بالطريقة الصحيحة، وإلا ستحتاج إلى تقوية الجهاز المناعي ضد المغريات الخارجية، وتقوية همتك باستخدام عينيك بالبحث عن كل ما يؤدي لعلو الهمة وسمو الشخصية الى ارقى شيء .
وفي هذه العيادة جهاز حساس جدا وهو ” التأمل في الكون للعين ” فبمجرد ان تضع عينيك على أي شيء خلقه الله وتتأمل فيه تنطبق عليك الاية القرأنية : (إِن فِي خَلْقِ السماوات والأرضِ واخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأولِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) أم أنك من الغافلين؟، فإذا سمعت أصواتا غريبة تصدر من الجهاز، فاعرف أن عليك إعادة حساباتك مع هذا الكون، تأمل أكثر وتزود إيمانيا، فالتأمل عبادة العقلاء .
أما جهاز الكشف عن الغدة الدمعية فلا ترهق عينيك بالكشف عليه إذا كنت تعرف أن عينيك تدمع عند قراءة القرآن أو من خشية الله، او حينما تسمع مجلس عزاء للامام الحسين (ع) ، أما إذا كنت غير ذلك فننصحك بهذا الكشف لتتعرف على السبب الحقيقي لقسوة العين .
3. عيادة الفم :
كثيرة هي الأجهزة التي تعرضت لها، ولكن مثل تلك الفحوصات مهمة بين حين وآخر لنتعرف على درجة إيمانياتنا ونقيس قربنا أو بعدنا عن الطريق الصواب ،ومن الاختبارات المهمة التي ستمر بها أثناء الفحص هو جهاز قياس الطريقة السليمة لاستخدام فمك ولسانك، سواء في دعاء، أو ذكر، أو شكر لله، أو كلمة طيبة، أو في الأكل من حلال، وقد قيل: إن من علامة محبتك لله أن تكثر من ذكره ، قال احد الاساتذة حول الذكر : “هذا الذكر يسمى في البرمجة اللغوية العصبية التكرار الكثيف، أحيانا إذا كررت شيئا بكثافة تتعلق به ، وتقبل عليه” .
ومن أول الجوارح التي تدعو وتذكر وتشكر اللسان، والآن، انظر إلى الجهاز واقرأ درجة استهلاك لسانك في الذكر والدعاء والكلمة الطيبة والشكر؛ فإذا كانت أقل مما تطمح إليه دوام على الذكر وشكر النعم، وتعلم كيف تتحكم في كلماتك قبل أن تخرج وتصبح أنت أسيرها، وارفع يدك وابتهل إلى خالقك ليرزقك حسن الدعاء وحسن العمل ، تعهد فمك بالنظاقة الحسية والمادية، واطمح دائما بدرجة عالية عند الكشف على جهاز الفم، وتذكر قول الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ) .
4. عيادة السمع :
أول نصيحة يوجهها لك الطبيب المختص بالأذن، هي عدم إدخال جسم صلب داخل أذنك حتى لا يتلفها، ربما لدرجة لا يمكن إصلاحها، بل هذه النصيحة كثيرا ما نكررها على أبنائنا خوفا من أن يقوموا بذلك ويؤذوا جهاز السمع لديهم
وكما أن هناك أثرا سلبيا من الجسم المادي للأذن، هناك أثر سلبي لبعض الكلمات والجمل التي يمكن أن تؤذينا وجهاز السمع لدينا ، وحتى لا ترهق نفسك بالكشف عن مستوى السمع لديك، وجه لنفسك هذه الأسئلة قبل أن تستمر في سماع شيء معين : ” ما فائدة ما أسمعه؟ وهل يؤذينا سماعه؟ وما هو الأفضل أن أسمعه؟ ” .
والأذن أمانة لديك فانظر كيف تعتني بتلك الأمانة (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا) .
وحاذر من مسألة مهمة وهي: “فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه” .
5. عيادة اليدين والقدمين :
جهاز العيادة لن يقيس درجة هشاشة عظامك، ولكن سيقيس مدى هشاشة عطائك وحنانك وحركاتك الدءوبة لرضا الله عز وجل ، ولن يقيس قوة قبضة يدك، ولكن سيقيس قوة البذل لديك ومساعدتك للآخرين والاتفات الى العوائل المحتاجة سواء في شهر رمضان او غيره ، لن يقيس عدد الخطوات التي يمكن أن تمشيها في الدقيقة، ولكن سيقيس خطواتك نحو المساجد ونحو عمل الخير ونحو عملك في دائرتك او مدرستك الذي تحرص على أدائه في وقته وبإتقان، سيقيس عدد المرات التي ذهبت فيها لتبر والديك وتصل رحمك وتعود مريضا وتواسي مكروبا وتجيب دعوة لأخيك ، إذا كنت غير متأكد من نتيجة الفحص فأجله حتى تعيد ترتيب خطواتك وطريقة حياتك من أجل نتيجة أفضل .
كل الأجهزة السابقة موجودة في داخلك، داخل ضميرك ، نفسك اللوامة ، حاول أن تستعمل هذه الاجهزة بين الحين والآخر لتقييم أدائك في هذه الدنيا قبل ألا يصبح للتقييم أية فائدة ولا مضمون ونخسر الدنيا والاخرة “اللهم اعا على صيامه بكف الجوارح عن معاصيك ، واستعمالها فيه بما يرضيك حتى لا نصغي باسماعنا الى لغو ولا نسرع بابصارنا الى لهو وحتى لا نبسط ايدينا الى محظور ولا نخطو باقدامنا الى محجور ولا تنطق السنتنا الا ما قلت …آمين رب العالمين “