يجب معاقبة الآباء لا الأبناء

Wasit News8 أبريل 2012آخر تحديث :
Wasit News

٢٠١٢٠٤٠٨-٠٥٤٨٠٠.jpg

بقلم : صباح مهدي السلماوي
يولد الإنسان طفلا صغيرا، وصفحة بيضاء، يكتب الأبوان ما يريدانه فيها هذا في واقع البيت، ثم يكتب المحيط الخارجي ما يريده فيها، ثم تبدأ دور الحضانة والتربية الأبوية بدور الكتابة في صفحة الطفل البيضاء، ثم المدرسة في مرحلتها الابتدائية، فتبدأ شخصية الطفل تتشكل ومعها جميع النزعات والرغبات والميول والاخلاق والافكار والسلوك إستنادا الى ما يكتب في هذه الصفحة .
من هنا يتضح أن شخصية الانسان تتشكل بعيدا عن تدخله الشخصي أو رغباته هو، ذلك لان صفحته تكون بيضاء وهي عرضة للتدوين من لدن الغير، الا انه لا يتدخل في ملء هذه الصفحة الشخصية بأفكار أو ميول سواء كانت جيدة او خلاف ذلك .
في مرحلة الشباب أو بعد دخول الانسان سن البلوغ، حين يصبح عمره 14 يبقى فاتحا صفحته للآخرين مستوعبا كل ما يأتيه من الاكبر منه سنا ، ويمكن أن نطلق عليهم بـ الآباء، حيث يستقبل منهم الأفكار والتوجيهات ويتعلم منهم التجارب والسلوكيات المختلفة، وتستمر شخصيته بالتشكل وفقا لما يقدمه له الآباء من مساعدة فكرية وعملية، وقدرات على تنمية مواهبه ومهاراته وامتصاص طاقاته، وتبعا لذلك سينجح الشاب أو يفشل، فاذ وجد التوجيه الجيد سينجح وتستمر حياته بالنجاح، واذا استطاع التخلص من الفراغ بطريقة مناسبة سينجح، واذا تمكن من تصريف طاقاته في الاتجاه الصحيح بمساعدة الآباء ( أي الاكبر منه سنا كما اسلفنا ) سينجح أيضا .
الآن سأطرح السؤال التالي، إذ كنا نتفق على الكلام أعلاه، كونه صحيحا ولا يختلف عليه إثنان، إذن لماذا نرجم بعض شبابنا، أو ما يطلق عليهم بـ الإيمو؟ .
ألا يعني الكلام أعلاه، اننا اشتركنا في كتابة صفحاتهم وتشكيل شخصياتهم، فتحولوا الى هذه الظاهرة الغريبة عن ملامح مجتمعنا ؟ فبهذا يكون لنا دورا في هذه الظاهرة الغريبة .
إننا أيها السادة الآباء ( الحكوميون، والآباء الفعليون، والمثقفون، ورجال الدين، ونخب المجتمع كافة ) نقترف جريمة بحق أولادنا، ونستحق عليها الرجم، أما السبب فلا يختلف عليه اثنان ايضا، لأننا لم نكتب الصحيح أو الذي نريده في صفحاتهم .
لم نخلق لهم فرص العمل المطلوبة، ولم نملأ فراغهم كما يجب، ولم نستثمر طاقاتهم، ولم نطور مواهبهم ومهاراتهم، لم نبن لهم وسائل الترفيه المناسبة، ولم نقم بواجبنا تجاههم حتى في مجال الثقافة والوعي، إننا أيها السادة (الآباء) نستحق العقوبة والحساب، لأننا تركنا شبابنا عرضة لموجات الغرب والماسونية التي تفد إليهم عبر الأقمار الصناعية والستلايت والموبايلات والانترنت جميع وسائل الاتصال الفوري الاخرى ، ناهيك عما في المجتمع من اخر موضات الملابس وتسريحات الشعر الغريبة التي لا تمت للاسلام بصلة لا من قريب ولا من بعيد وحتى الاكلوما الى ذلك .
لقد وجد شبابنا أنفسهم وجها لوجه أمام غول الفراغ والظواهر الغريبة التي داهمتهم وهم يخوضون في معترك الفراغ الكبير والبطالة والاهمال من الآباء (الحكومة والجهات المعنية الاخرى)، ولأننا فشلنا في القيام بواجبنا الصحيح ومسؤولياتنا تجاه شبابنا، انحرفوا الى ( الايمو ) والى غيرها من الظواهر الاخرى التي ستظهر في المستقبل اذا استمرت هذه الاسباب بدون علاج ، وبدلا من أن نعترف بأخطائنا الفادحة في هذا المجال كآباء ومربين مقصرين، أقمنا على أولادنا الحد، وبدأنا برجمهم أو قتلهم أو مطاردتهم، لكي نتملص من مسؤولياتنا وأخطائنا التي نستحق عليها العقوبة قبل أبنائنا .
أيها الآباء، يا حكومتنا الرشيدة، أيها النخب، أيها المجتمع ، يا مؤسسات المجتمع المدني، ياادارة المدارس وكل من لا يريد أن يعترف بأخطائه مع أن (الاعتراف بالخطأ فضيلة) لا تقتلوا شبابنا، وعليكم جميعا أن تتحلوا بالشجاعة وتكفوا عن ملاحقة هؤلاء، وتعترفوا بارتكابكم الخطأ الاول والاكبر تجاههم، وعليكم جميعا أن تبادروا الى امتصاص فراغ الشباب والمبادرة الى تطوير مواهبهم ومهاراتهم ، والاهم من هذا كله انتشالهم من غول البطالة وبطشه ، ويجب على المرجعيات الدينية والنخب ومؤسسات المجتمع المدني ان تقوم بدورها عن طريق المحاضرات والندوات وغيرها
بهذا نكون قد كفرنا عن بعض أخطائنا تجاه شبابنا، وملأنا صفحاتهم البيضاء بما يحميهم من الانحراف نحو الإيمو أو غيرها، ترى هل سنعلن نحن الكبار إعترافنا بالخطأ الذي ارتكبناه في وضح النهار، وهل سنبدأ فورا بتغيير التعامل مع أطفالنا، شبابنا، أبنائنا، فلذات أكبادنا؟، الامر متروك للكبار طبعا.