أموات يُكرّمون.. وأحياء يموتون!!

Wasit News15 أبريل 2011آخر تحديث :
Wasit News

أموات يُكرّمون.. وأحياء يموتون!!

الكاتب : فائز الياسري

مع تزايد البطش والاستبداد الذي مارسه النظام المقبور، صار الناس أكثر تقبلا لأفكار وطروحات قوى المعارضة العراقية، خاصة بعد انتفاضة آذار.. وكان الريف هو الفضاء الأوسع لتحركات ونشاطات تلك القوى، وبذالك أصبح الريف مستهدفاً من أجهزة السلطة القمعية والاستخبارية، وكان من حق الريف على قوى المعارضة والتي تسلمت زمام السلطة ان تكون أكثر وفاءً لحاضنها الأساسي، ألا وهو الريف.. ولكن وللأسف أصبح السياسيون أكثر بُعدا عن حاضنهم، ولم يعد هناك من احد يستمع لمطالبه او يلبي احتياجاته، وانصبّ الاهتمام على المدن لأنها صاحبة الأصوات التي تدفع بالمرشحين إلى كراسي الحكم. في ربيع عام 1999 وفي منطقة (هور الخراب) جنوب الكوت اشتبكت القوى المناوئة للنظام مع قوات السلطة في معركة استمرت أكثر من ثماني ساعات سقط خلالها عدد من القتلى بين الطرفين، قامت على أثرها السلطة بردم جداول الفلاحين في تلك المنطقة وحرمتهم من عوائد محاصيلهم، كما اعتقلت معظم الشباب، وقامت بتدمير القرى وتهجير سكانها.. ومنذ ذلك التاريخ تصّحرت تلك المناطق بعد ان كانت تمتاز بخصوبة أراضيها ووفرة إنتاجها وغزارة ثروتها الحيوانية (الأغنام) وهاجر سكانها إلى ضواحي المدن. بعد سقوط النظام استبشر الأهالي بالخير معتبرين ان الحكومة الجديدة سوف تنصفهم وتعيد الحياة الى أراضيهم وفاءً لتضحياتهم وتضحيات أبنائهم، وبدلا من ذلك أقامت الدولة (مشروعا عملاقا)!! كلف خزينتها عشرات المليارات من الدنانير ألا وهو (نصب الشهداء) في منطقة الجزيرة والتي لا يقطنها اي مخلوق وهي منطقة جرداء خالية حتى من الطيور، ولا ترتفع فيها إلا مأذنة حزينة ملتصقة ببناء هذا النصب. انه لامر عجيب في بلد يُكرّم أمواته ولكن أحياءه يموتون عطشا.. ونستذكر هنا حكاية (ابو كاطع – الزقورة.. والزواجير) حين أعلنت الدولة عام 1974 عن مشروع لإعادة إحياء وترميم الزقورة، بكلفة 36 مليون دينار، أي ما يعادل مئة وخمسين مليار دينار عراقي الآن.. فكان جواب (ابو كاطع) – على لسان (خلف الدواح).. لماذا لا نبني الف دار للفلاحين على شكل زقورات تمتد بين طريق بغداد وعقرقوف، لكي نقول للعالم بان العراقيين الذين بنوا زقورة واحدة قبل الاف السنين يستطيعون اليوم ان يبنوا ألف زقورة..؟) وها نحن نقول اليوم: ماذا لو كرمت الدولة ذوي الشهداء الذين سقط أبناؤهم في هذه المنطقة دفاعا عن العراق وتضامنا مع المعارضة آنذاك، بإقامة مشروع أروائي لإحياء أراضيهم ولكي يعرفوا بان تضحيات ابنائهم لم تذهب سدى..