دبكة في مطار بيروت

Wasit News9 أبريل 2011آخر تحديث :
Wasit News

الكاتب احسان شمران الياسري

أرسل لي احد الأصدقاء مقطع مصور عن حالة وقعت في مطار بيروت.. وقد إغروقت عيوني من الفرح والانبهار بالعفوية العجيبة، وبالانعتاق الروحي الذي تصرفت به الناس في ذلك المكان المزدحم بالحركة والبضائع وبالمسافرين.. فعندما بدأ الفنان الكبير (وديع الصافي) بغناء إحدى الأغاني التي تبثها إذاعة المطار، وكان فيها أنغام للدبكة اللبنانية، أخذت رقاب بعض الصبايا تتمايل وهن جالسات على المقاعد..
ثم مع حماس اللحن الجميل، والصوت المفعم بجمال الجبل، نهضت الصبايا في الفضاء المفتوح في قاعة المطار، وأخذت بالدبك العفوي، وقد إشرأبت الأعناق إليهن من بقية الناس، ومن المسافرين المسرعين ومن الحراس الأمنيين.. وشيئاً فشيئاً، تحول انبهار الجمهور إلى مشاركة، وترك المسافرون حقائبهم وبدأوا الدبك والمرح، والغناء الجميل مع وديع الصافي.. بل إن الحراس الأمنيين في المطار، شباباً وصبايا، أخذوا يتمايلون مع الجمهور المنفلتة مشاعره بهذا المهرجان العجيب.. وما أن انتهت الأغنية الجميلة، حتى عاد كل شيء إلى طبيعته، وعادت الحياة إلى المجرى المعتاد، بعد أن قفزت شياطين الجمال وعذوبة المشاركة من معاقلها.. وتوجه المسافرون إلى حقائبهم للالتحاق بطائراتهم وأحبائهم..
أما لماذا اغروقت عيوني المتعبة بالدموع، فلأنني أحب لبنان، و وديع الصافي، و مطار بيروت و جبل لبنان، و البحر الذي يفصل ساحله اللبناني بين العالم العربي والدنيا الواسعة.. ولأنني أحب العراق، وأحب ألحاناً وأغانٍ أخرى يمكن أن نحتشد يوماً لغناءها والرقص عليها لو إن دنيانا تسمح لنا بالفرح الجميل..
وتمنيت لو إن أغنية من هذهِ الشاكلة تجمعنا إلى هذا النداء الروحاني الباهر.. حتى لو كان نشيد (موطني)، أو أغاني الكورد الفاتنة أو أغاني الشجن الموصلي أو البادية.. فلو صدح الصوت الشجي (عايل يالاسمر عايل.. صبّح ضعنكم شايل)، ستجدني افقد خمسين سنة من عمري، واحثو التراب على وجه كل من يرفضني مشاركاً في ترديدها..
إن الدبكة في مطار بيروت، هي دبكة العنفوان اللبناني الذي لم تستطع كل سني العبث بمصير لبنان أن تؤجلها، فعندما حان موعدها، قفزت القلوب تحمل السيقان الجميلة، والرقاب الناعمة في اطلالة أبدية لعشق لبنان، وعشقنا نحن الذين لنا دبكاتنا الرائعة.