نهاية مجالس المحافظات (ضمناً ) الى الأبد .. شكراً مجلس الدولة

Wasit News18 فبراير 2020آخر تحديث :
Wasit News

الكاتب د.هاتف الركابي

بقرارٍ تاريخي رصين لم يسبق له مثيل في تاريخ القرارات معتمداً على الدراسة المعمقة للآثار المحتملة والمصاحبة للتطبيق ، ومتضمناً المناقشة الوافية للبدائل المتاحة للتنفيذ أو لتغير السياسات ، ومؤكداً هذا القرار بأنه كلما تم التعرف على تأثير التطبيق المتوقع للقرار قبل وضعه موضع التنفيذ كلما انعكس ذلك بشكل ايجابي على التطبيق الجيد ، ليساهم في توفير بيئة مناسبة من المتابعة والمسائلة والشفافية وزيادة المشاركة والتشاورات لتحديد الأولويات والاختيار بين البدائل المختلفة ..
فقد أصدر ( مجلس الدولة ) بناءً على طلب بيان رأي من مجلس النواب ، القرار المرقم ( ١٢ / ٢٠٢٠ ) في ٤ / ٢ / ٢٠٢٠ في شأن الحالات الآتية :
١- ماهية الجهة التي يقدم إليها المحافظ أو نائبيه أو رؤسا ء الوحدات الادارية استقالاتهم في ظل إنهاء عمل مجلس المحافظة المعنية ؟ .
٢- ماهية الجهة التي تُكلف بإحلال البديل في حالة تقديم المحافظ أو نائبيه. ورؤساء الوحدات الادارية استقالاتهم في ظل إنهاء عمل مجلس المحافظة المعنية ؟ .
٣- ماهية الجهة التي تمارس صلاحيات إعفاء وإقالة المحافظ أو نائبيه أو رؤساء الوحدات الادارية في ظل إنهاء عمل مجلس المحافظة المعنية ؟ .
وقد لاحظت في ضوء تلك التساؤلات أن مجلس الدولة قد استند وتعكز على ( ٤١ ) نص من بين نصوص الدستور والقوانين النافذة ( دستور ٢٠٠٥ ، قانون المحافظات ٢١ لسنة ٢٠٠٨ ، قانون انتخابات مجالس المحافظات ١٢ لسنة ٢٠١٨ ، قانون ٢٧ لسنة ٢٠١٩ ، قانون الخدمة المدنية ٢٤ لسنة ١٩٦٠ ) وهذا يدل على الالتزام بأقصى درجة ممكنة من المصداقية والدقة في المعلومات ، وبذلك صدر القرار وفق المبدأ القانوني في ظل انهاء عمل مجالس المحافظات ، ونظم حالتي الإستقالة والإقالة :
أ – في حالة الاستقالة أعطى مجلس الدولة الحق للمحافظ تقديم استقالته الى رئيس مجلس الوزراء ، ويقدم نائبي المحافظ والقائمقام ومدير الناحية استقالاتهم الى المحافظ ، على أن يختص مجلس الوزراء بتكليف البديل في حالة استقالة المحافظ أو نائبيه او القائمقام ، ويتولى المحافظ تكليف البديل في حال تقديم مدير الناحية استقالته .
ب- أما في حالة الإقالة فقد اعطى مجلس الدولة الحق لمجلس النواب بإقالة المحافظ ونائبه بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه ولكنه جعله مشروطاً باقتراح من رئيس مجلس الوزراء، كما منح القرار الحق لمجلس الوزراء بإقالة القائمقام ، وللمحافظ بإقالة مدير الناحية ..
وبهذه الفقرات التي كأنها ( لوحة فنية قانونية محبكة) أنهى واضعوا القرار رأيهم ، والذي بموجبه انتهت مجالس المحافظات ( ضمناً ) لتلتحق هي الاخرى بمكاتب المفتشين العموميين التي انتهت الى الابد ، وتنتهي بذلك الفوضى التي لازمت اللامركزية الادارية المشوهة في العراق وما خلفته تلك المجالس من مشاكل وعقبات كؤود في حياة الدولة العراقية لاسيما بعد ( التعديلات ) ..
اقولها موقناً بأن فكرة القرار لم تأتي عن فراغ وإنما استدعى المشرع في مجلس الدولة إنشاءها طبقاً لتحديد المشكلة ورغبة المجتمع الذي فرضها ومتوافقاً معها من خلال قياس الاثر في المراحل المبكرة لصناعة القرارات والتأكد من توازن الفوائد التي يحققها هذا التشريع ( القرار ) ..
قرارٌ يستحق أن يُعلق في باحة البرلمان ، وتُرفع له القبعة ، قرار متماسك وواضح وشامل اتسم بالشريح للنصوص ، واثبت ان مجلس الدولة حقاً أن لا سلطان عليه الا القانون.. وتنطبق عليه المقولة التي اطلقها العظيم ( مونتسكيو ) في روح القوانين ( لا تكتب القوانين والقرارات الا بأيادٍ ترتعش ) ..
شكراً بحجم السماء لمجلس الدولة رئاسةً ومستشارين .. ونهيب بمجلس القضاء الاعلى أن يحذو حذو مجلس الدولة في إصدار القرارات ..