مهرجان المتنبي “مالئ الدنيا وشاغل الناس” ينطلق غداً في واسط بمشاركة 80 أديباً عراقياً

Hamza M. Al-Hachami21 ديسمبر 2014آخر تحديث :
Hamza M. Al-Hachami

17036

تنطلق في محافظة واسط، غداً الاثنين، فعاليات مهرجان المتنبي الشعري الثاني عشر، الذي تقيمه دائرة العلاقات الثقافية في وزارة الثقافة، بالتنسيق مع الحكومة المحلية وجامعة واسط، بمشاركة أكثر من ثمانين أديباً عراقياً، في إحياء لرموز الأمة وأعلامها ومبدعيها ورد إبداعي على “عصابات التكفير والإرهاب” التي تريد قتل جذوة الابداع عند العراقيين.

ومهرجان المتنبي يقام في محافظة واسط، مركزها مدينة الكوت،(180 كم جنوب شرق العاصمة بغداد)، على مدى يومين متتالين، أولهما عند ضريح الشاعر نفسه، الذي يبعد نحو ألفي متر عن مركز قضاء النعمانية،(48 كم شمال الكوت)، والثاني في مدينة الكوت، ويلتقي فيه نخبة من أدباء العراق ومثقفيه لينشدوا قريباً من الأرض التي احتضنت “مالئ الدنيا وشاغل الناس”، ويطلقون العنان لقصائدهم كي تمر من أمام خيمة ملك الشعراء وشاعر الملوك الذي قال :

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي   وأســـــمعت كلماتي من به صمم

الخيل والليل والبــيداء تعرفـني  والسيف والرمح والقرطاس والقلم

والمتنبي بوصفه مبدعاً عراقياً كبيراً، كانت قصائده حكماً تضرب في كل محفل ومجلس.

أنام ملء جفوني عن شواردها       ويسهر الخلق جراها ويختصم

مهرجان المتنبي إحياء لرموز الأمة وأعلامها

وقال رئيس اتحاد أدباء واسط، إسماعيل سكران، في حديث إلى (المدى برس)، إن “الاحتفاء بأبي الطيب المتنبي يشكل تقليداً سنوياً يجتمع فيه أدباء العراق من مختلف المحافظات ليؤبنوا المتنبي في ذكرى مقتله على أيدي فاتك الأسدي عن عمر ناهز 53 سنة، مع ولده محُسد وغلامه مفلح.”

وأضاف سكران، أن “إقامة المهرجان هو احتفاء بعبقرية شعرية فريدة، هو المتنبي بذاته بعد أن شاء القدر أن يقتل على أرض واسط ويدفن فيها، وتحديداً في منطقة دير العاقول، بقضاء النعمانية”، مشيراً إلى أن “إقامة مهرجان المتنبي الثاني عشر في هذا الظرف بالذات هو إحياء لرموز الأمة وأعلامها ومبدعيها وأنه الرد الثقافي والإبداعي الكبير على عصابات التكفير والإرهاب التي تريد قتل جذوة الابداع عند العراقيين.”

وأوضح رئيس اتحاد أدباء واسط،  أن “مهرجان المتنبي الشعري يمثل تحدياً كبيراً لكل الظروف التي تحيط العراق وهو في ذات الوقت انتصاراً على الإرهاب وخطوة في طريق البناء الثقافي الجديد الذي تسعى إليه وزارة الثقافة بعهدها الجديدة من خلال تحقيق الشراكة مع الحكومات المحلية واتحاد  الأدباء وكل الجهات الداعمة للحراك الثقافي في البلاد.”

درويش والجواهري وجواد إلى جنب المتنبي

من جانبه قال الروائي والمترجم علي عبد الأمير صالح، عضو اتحاد الأدباء العراقيين، في حديث إلى (المدى برس)، إن “مهرجان المتنبي يعد واحداً من التظاهرات الثقافية التي تنطلق سنويا في قضاء النعمانية في محافظة واسط”، مبيناً أن “المهرجان يتميز بأنه ملتقى لكبار الأدباء والشعراء العراقيين لينشدوا شعراً ونثراً في حضرة هذا الشاعر الكبير.”

وذكر صالح، أن “أول ندوة نظمت بجوار قبر المتنبي كانت عام 1963، بمشاركة أدباء ونقاد عراقيين وعرب، تلوا فيها بحوثا ومحاضرات عن شاعرية المتنبي، وحضرها آنذاك الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، والشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري، وعدداً من النقاد والمؤرخين من ضمنهم العلامة مصطفى جواد.”

 ووأوضح الروائي والمترجم الواسطي، أن “مهرجان عام 1978 شهد احتفالية لإزاحة الستار عن تمثال المتنبي الذي نصب فوق قبره في النعمانية، فيما أقيم أول مهرجان شعري للمتنبي عام 1993 وكان برعاية الحكومة آنذاك، وشارك فيه عدد كبير من الأدباء والشعراء والنقاد العراقيين.”

المتنبي يثير الجدل حياً وميتاً

وإذا وصف الشاعر العربي الكبير أبو الطيب المتنبي بأنه “مالئ الدنيا وشاغل الناس” في حياته المليئة بالأحداث التراجيدية، وجذب النقاد لعبقريته الشعرية الفذة، فانه ما يزال يشغلهم في الخلاف على موقع قبره، والمكان الذي شهد مأساته الأخيرة.

وقال عضو اتحاد أدباء واسط، فيصل الدنيناوي، في حديث إلى (المدى برس)، إن “الموقع الحالي الذي فيه قبر الشاعر المعروف ابو الطيب المتنبي الكائن على بعد 2 كم شمال قضاء النعمانية في محافظة واسط، يعتقد أنه ليس قبره، إنما قبر شخص آخر يدعى أبو سورة ولا يعرف عنه الكثير.”

وأضاف الدنيناوي، أن هناك “دراسات بهذا الخصوص، منها واحدة للمؤرخ الدكتور عماد عبد السلام رؤوف، بعنوان دير العاقول”، مبيناً أن تلك “الدراسة وغيرها رجحت أن يكون قبر المتنبي إما بالقرب من بغداد في المنطقة التي تعرف باسم جرجرايا، أو في منطقة تقع غرب قضاء النعمانية تدعى بالصافية، برغم أن الغموض يكتنف الموضوع”.

ورأى الدنيناوي، أن “الضريح الذي يرمز للمتنبي في الوقت الحاضر يليق بمكانة الشاعر، وأن الاختلاف في أي من المواقع التي دفن فيها لا أهمية له، إذ أنه ما يزال محصوراً في النطاق الإداري لمحافظة واسط التي لم تبخل بالاحتفاء به سنوياً.”

 درع أبو سورة وسيفه

 ويطلق أهالي قضاء النعمانية بمحافظة واسط على المتنبي ” أبو سورة” ويتخذون منه مزاراً في المناسبات لاسيما الدينية منها، وتذهب إليه النساء باستمرار خاصة تلك التي تريد خلع ثياب حزنها، فيما تزوره الناس باستمرار للتبرك به وأحيانا تلقى القصائد والأشعار عند ضريحه المشيد من الآجر بزخارف جميلة، ويشغل الضريح مساحة واسعة من الأرض، لكنها تعاني الإهمال ونقص كبير في بناء المشيدات التي تليق بمثل هذا الرمز الكبير.

وقال مدير البيت الثقافي في قضاء النعمانية، طالب الياس، في حديث إلى (المدى برس)، إن  هناك “روايات تشير إلى إلقاء جثة المتنبي في نهر دجلة بعد مصرعه لكنها ليست مؤكدة .”

وأضاف الياس، أن “الكبار في السن بالمدينة يقولون طبقاً لتسلسل الروايات إن جثة المتني وجدت عائمة على ضفاف دجلة قرب قبره الحالي”، مضيفاً أنى “تسميته أبو سورة جاءت بالنظر لقذف نهر دجلة جثته على إحدى جوانبه بفعل تيار مائي قوي يدور حول نفسه”.

وتابع مدير البيت الثقافي في قضاء النعمانية، أن “دوران الماء حول نفسه يدعى سورة ومنه اطلقت التسمية على قبر المتنبي، فبات يعرف بأنه أبو سورة”، مستدركاً “لكن هذه التسمية أصبحت محدودة ولا تستعمل إلا على نطاق البسطاء.”

واستطرد الياس، أن “الأهالي يعتقدون أن سيف المتنبي ودرعه دفنا إلى جواره في قبره بحسب الروايات التاريخية”، وزاد أن “محاولات جرت في سبعينيات القرن الماضي للكشف عنهما من قبل دائرة الآثار والتراث ذلك الوقت.”

وأعلنت اللجنة التحضيرية لمهرجان المتنبي الـ12، في(الـ17 من كانون الأول 2014 الحالي)، عن تأجيل انطلاقه المزمع السبت يومين، وعزت  ذلك إلى تزامنه مع ذكرى وفاة الرسول (ص)، فيما بينت أن جميع فعاليات المهرجان لم يجر عليها أيّ تغيير.

وكانت اللجنة التحضيرية لمهرجان المتنبي في محافظة واسط، أعلنت في (الـ16 من كانون الأول 2014)، عن انطلاق الدورة الـ12 للمهرجان في الـ20 من الشهر الحالي، لمدة يومين بعد استكمال الاستعدادات الخاصة بالمهرجان، وأوضحت أن دورة هذا العام حملت أسم الناقد (حاتم صكر)، فيما أشارت إلى توجيهها دعوات لأكثر من 70 شاعراً وأديباً.

وأعلنت اللجنة التحضيرية لمهرجان المتنبي الـ12، في (الـ21 من تشرين الثاني 2014)، عن تحديد يومي 20 و 21 من كانون الأول 2014 موعداً لإقامة مهرجان المتنبي الشعري الثاني عشر، التي اسمتها (دورة الناقد حاتم الصكر)، وفيما أشارت الى أن وزارة الثقافة دعمت المهرجان بمبلغ 30 مليون دينار، أكدت أن نقص التخصيصات المالية دفعها الى تقليص عدد الذين سيشاركون فيه الى 70 أديباً وشاعراً.

وأعلنت دائرة العلاقات الثقافية في وزارة الثقافة، في (الـ29 من تشرين الأول 2014) عن اعتماد مهرجان المتنبي الشعري ضمن المهرجانات السنوية للوزارة، وتعهدت بتكفل الجزء الأكبر من مصاريفه متوقعة أن يكون نموذجاً للمهرجانات الأخرى من حيث التنظيم وغزارة النتاج الثقافي فيه وذلك خلال استقبال مدير عام الدائرة عقيل المندلاوي وفداً من أدباء وإعلاميي محافظة واسط.

وكانت حكومة واسط المحلية، قد أعلنت في(الثالث من تشرين الأول 2014)، عن تحديد النصف الثاني من كانون الأول 2014 موعداً لإقامة مهرجان المتنبي الـ12 (دورة الناقد حاتم الصكر)، وأوضحت أن المهرجان سيكون بمشاركة نحو مئة أديب من العراق، وأعربت عن أملها أن تكون وزارة الثقافة شريكاً أساسياً فيه.

ويقام مهرجان المتنبي في محافظة واسط كل عام بالتنسيق ما بين الحكومة المحلية ووزارة الثقافة إضافة الى اتحاد الأدباء في العراق، وكانت المهرجانات السابقة تقام من دون بصمها باسم شخصية أدبية من الشخصيات الثقافية والفكرية في محافظة واسط لكنه في السنوات الثلاث الأخيرة أخذ يطلق على كل دورة من دورات المهرجان تسمية أحد أدباء واسط وحمل المهرجان الأخير اسم الأديب الواسطي رعد طاهر كوران.

وتطلق تسمية المهرجان تيمّناً بالشاعر أحمد بن الحسين بن عبد الصمد الكندي الكوفي المكنى بالمتنبي المولود عام 301 للهجرة في محلة تسمى كندة من أعمال الكوفة في جنوب العراق، والذي كان مصرعه على يد أحد الذين هجاهم وهو فاتك بن أبي جهل الأسدي قرب موقع “دير العاقول” بقضاء النعمانية.

يذكر أن أول ندوة نظمت بجوار قبر المتنبي كانت في العام 1963، وشارك فيها أدباء ونقاد عراقيون وعرب، وتلوا فيها بحوثاً ومحاضرات عن شاعرية المتنبي، حضر الندوة آنذاك الشاعر الفلسطيني محمود درويش والشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري وعدد من النقاد والمؤرخين.

 

المصدر وكالة أنباء المدى - واسط