مصاب بمرض نفسي.. ويرتكب جريمة بشعة .. هل يحاسبه القانون ؟

Hamza M. Al-Hachami27 أكتوبر 2014آخر تحديث :
Hamza M. Al-Hachami

473736

إعداد/ د. معتز محيي عبد الحميد

عاد (ن) من عمله مرهقا بعد يوم شاق بدأ مع خيوط الصباح الاولى واستمر الى ما بعد أذان المغرب حيث يعمل بائع خضراوات وفواكه في سوق شعبي … أعدت له زوجته طعام العشاء وجلست بجواره تسأله عن احداث يومه وكيف سارت عملية البيع … ولاحظت انه ملتزم الصمت ويجيب على تساؤلاتها بكلمات قليلة ومختصرة للغاية… ولكنها لم تشغل بالها بذلك بعد ان اعتادت مرور زوجها بحالات اكتئاب نفسي من وقت لآخر ! بعد تناول العشاء تركت طفلتيهما تلهوان مع والدهما ودخلت الى المطبخ لإعداد الشاي لزوجها ..
وكان صوت الضحكات الطفولية البريئة لابنتيها يتناهى الى مسامعها وهي تقف في المطبخ فشعرت بالارتياح وهي تتمنى ان تنجح ابنتاها في إخراج والدهما من حالة الاكتئاب التي تسيطر عليه … احضرت الزوجة استكان الشاي لزوجها وجلست تداعب طفلتيها في الوقت الذي ظل فيه الاب جالسا في شرفة بيته المطلة على الشارع وهو يحتسي الشاي في صمت وشرود، وفجأة التفت (ن) الى زوجته وطلب منها احضار كوب ماء لإحساسه بالعطش الشديد … توجهت الزوجة الى الثلاجة لإحضار الماء الذي طلبه زوجها وما ان دخلت الى المطبخ واختفت عن اعين زوجها حتى هب واقفا ودب فيه النشاط المفاجئ واسرع يحمل طفلته الكبرى (ش) واسرع بها نحو الشباك وهي تضحك في سعادة وبراءة طفولية وهي تعتقد ان والدها يمزح معها ويداعبها ولم تدرك المسكينة ان هذا الاب تحول الى شيطان مجنون وألقى بها من الطابق الثاني وسط ذهول المارة والجيران في الشارع الذي تصادف وجودهم بالمكان … وفي الوقت الذي اسرع به الجميع في محاولة لإنقاذ الطفلة المسكينة التي سقطت على الارض بلا حراك وسالت منها الدماء بغزارة … اسرع (ن) الى الهول واحضر الطفلة الرضيعة (ز) وتوجه بها نحو الشباك وسط صرخات الجيران والمارة في الشارع الذين توسلوا إليه ألا يفعلها ويلقي بها هي الاخرى كما فعل مع شقيقتها منذ ثوان معدودة ولكنه لم يستجب لهذه النداءات والتوسلات وكأنه لم يستمع اليها على الاطلاق .. والقى الطفلة الرضيعة في هدوء قاتل وجلس يحتسي استكان الشاي ! ببرودة شديدة وكأنه لم يرتكب منذ لحظات ابشع جريمة يمكن ان يرتكبها إنسان وهي قتل النفس البريئة التي حرم الله قتلها … في هذه الاثناء عادت الام من المطبخ وهي تحمل كوب الماء لزوجها … وادهشها عدم وجود الطفلتين اللتين تركتهما بجوار والدهما … فسألته عنهما ولكنه لم يجب … مما زاد من دهشتها في الوقت الذي استمعت فيه الى صوت صرخات عالية وهرج ومرج في الشارع فما كان منها إلا ان اسرعت بالنظر في الشارع لتقع عيناها على ابشع مشهد يمكن ان تراه عينا ام ! طفلتاها ملقيتان على الارض وسط بركة من الدماء وحولهما الجيران والمارة في الشارع يحاولون إنعاشهما بينما اسرع البعض الآخر للاتصال بالنجدة والاسعاف في محاولة لإنقاذ حياة الطفلتين ! ولم تتحمل الام المسكينة هذه الصدمة المرعبة فسقطت على الارض مغشيا عليها وهي تطلق صرخاتها عاليا … انشغل الجيران بنقل الطفلتين الى مستشفى الكوت التعليمي في محاولة لإنقاذ حياتهما وانتشالهما من بين انياب الموت الذي ينشب فيهما، وبادر البعض بالاتصال بشرطة الكوت للإبلاغ عن الحادثة الغريبة .اسرعت دوريات الشرطة والنجدة الى مكان الحادث في حي القوة حيث اقتحموا البيت لإنقاذ الام المغشي عليها قبل ان يبادر الزوج بإلقائها هي الاخرى ! وكانت المفاجأة عندما شاهدوه جالسا في هدوء يحتسي استكان الشاي وهو ينظر امامه شاردا وكأنه في عالم آخر ! أسرع رجال الدورية بحمل الام ونقلها الى مستشفى الكوت وتم اقتياد الاب القاتل الى مركز الشرطة … بدأت الشرطة بجمع المعلومات عن الاب من الجيران والاصدقاء، وفي هذا الوقت جاء الخبر الحزين ليؤكد وفاة الطفلة الصغرى بينما ما زالت شقيقتها تصارع الموت داخل غرفة العناية المركزة بمستشفى الكوت التعليمي!
أظهرت المعلومات التي جمعتها الشرطة عن الاب .. بأنه يعاني من مرض نفسي مزمن وتنتابه حالات اكتئاب من وقت لآخر ويتلقى العلاج بشكل دائم ومستمر … وانه ألقى ابنتيه من الشباك اثناء مروره بإحدى نوبات الاكتئاب التي تنتابه من وقت لآخر … وتمت إحالة (ن) الى مستشفى الامراض العصبية بناءً على قرار القاضي انتظاراً لتقرير المستشفى عن حالته لتحديد مدى مسؤوليته عن افعاله … وبقي المتهم في المستشفى لمدة طويلة بانتظار تقييم حالته والمحكمة لم تصدر قرارها لحد الآن هل هو مجنون مع سبق الاصرار والترصد … ام يفتعل الجنون ؟!

 

المصدر صحيفة المدى