منزل اثري في الكوت جنوب بغداد يواجه خطر الاندثار

Wasit News12 يوليو 2012آخر تحديث :

20120712-065422.jpg

يواجه منزل ذو قيمة اثرية كبيرة في مدينة الكوت جنوب شرق بغداد خطر الاندثار التام لقدمه من جهة، ولعدم الاهتمام به من قبل دوائر الاثار من جهة ثانية.
وهذا المنزل المبني على الطراز العثماني منذ ما يقارب 150 عاما، هو الاقدم في مدينة الكوت، ويعود بناؤه الى “أسطوات” العمارة اليهود الذين سكنوا تلك المنطقة. وقد اتخذته الحامية البريطانية مقرا لها في العام 1915 عندما تعرضت لحصار القوات التركية.

ويرى حسين حسن محمد علي عابدي احد افراد الاسرة التي تعود اليها ملكية البيت ان “عدم اهتمام الجهات الحكومية ودوائر الاثار والتراث بهذا المعلم التاريخي وعدم الالتفات اليه ادى لان يكون في وضع حرج وآيل للسقوط تماما في اية لحظة”.

ويقول عابدي “في الثمانينيات حاولنا بيعه او هدمه واعادة بنائه على شكل محال تجارية لكن السلطات انذاك رفضت ذلك”.

ويضيف “الان باستطاعتنا بيعه لكننا نريده ان يتحول الى مبنى تاريخي يحكي فترة تاريخية شهدتها المدينة”.
ودخلت القوات البريطانية مدينة الكوت (180 كلم جنوب العاصمة) في العام 1915 قادمة من البصرة، وتوجهت الى العاصمة بغداد لكنهااصطدمت بالقوات التركية التي ارغمتها على التراجع والعودة اليها تحت جنح الظلام لتواجه حصارا استمر عاما.

وفي كانون الاول/ديسمبر 1915 تقدمت القوات التركية وطوقت مدينة الكوت وحاصرت الجنود البريطانيين ومعهم الجنود الهنود، وسقطت المدينة بايدي الأتراك في نيسان/ابريل عام 1916 واستسلمت القوات البريطانية بقيادة الجنرال تاونزند.

ويقول عابدي “كانت فرق انكليزية، لا نعرف ان كانت متخصصة بالاثار او تابعة للحكومة البريطانية، تزور هذا البيت سنويا خصوصا في السبعينيات، ثم انقطعت”.
ويضيف “نامل ان تلتفت الجهات الحكومية لصيانة البيت ليصبح معلما تراثيا وتاريخيا للمدينة، او أن يسمحوا لنا بالتصرف به واعادة بنائه او بيعه بما انه يقع في قلب المدينة وفي منطقة تجارية بحتة”.

ويتكون هذا البيت من طابقين، في الاول ثلاث غرف وسرداب ( غرفة منخفضة عن مستوى باقي الغرف تكون باردة صيفا) وما تزال تلك الغرف تحتفظ بشبابيكهاالخشبيةالقديمة تتوسطها زخارف حديدية تم بنائها بنوع خاص من الحجر المربع.

وكان القائد تاونزند يتخذ من احدى تلك الغرف مكانا لاقامته، واخرى للضباط وعدد من افراد الحامية البريطانية.

ويعتقد قاسم رزوقي الجعيفري الذي يمتلك دارا ملاصقة لهذاالبيت ان “قيام الحكومة المحلية بشراء البيت وصيانته وتاهيله ليكون متحفا لهذه المدينة، يعد خطوة هامة تمنح مدينة الكوت رمزية تاريخية ثانية، لانها تضم ايضا مقبرة للجنود الانكليز الذين قضوا في الحرب”.

ويقول الجعيفري (54 عاما) “بجانب هذاالبيت كان هناك بيت اخر تم هدمه استخدمه الضباط الانكليز ومعهم تاونزند ملجأ اثناء اشتداد القصف عليهم، وكان هذا البيت ايضا جناحا اداريا للحامية”.

تتردد روايات تاريخية بان القائد تاونزند ترك اموالا مدفونة في هذا البيت لم يعرف مكانها بالتحديد كانت مخصصة لرواتب الجنود والضباط، وذلك قبل استسلامه للاتراك.

كما تفيد تلك الروايات بان منديله الخاص تحتفظ به احدى الاسر داخل صندوق زجاجي عثر عليه بعد ما غادر المكان اسيرا.

طبيعة بناء هذا البيت وتفاصيله تعطي انطباعا معماريا يشير الى نمطيته العثمانية المنفذة بواسطة امهر البنائين، فضلا عن محافظته على شكل بنائه وخلوه من اي تحديثات اوتحسينات.

الطابق العلوي لم يستطع احد التجوال في غرفه الاربع لتهالك الممرات المؤدية اليها لقدمها اذ تهتز تلك الممرات بمجرد السير عليها، ومن هذا الطابق يؤدي درج تهدم بالكامل،الى سطح المنزل، كان تاونزند من خلاله يراقب القوات التركية وتحركاتها.

سقوف غرف هذا الطابق مغطاة بالخشب تكسوه زخارف زجاجية ملونة ما زالت تحتفظ بشكلها الطبيعي.

احد جدران الغرف في ذلك الطابق تاثر وتهدم بفعل هزة ارضية تعرضت لها المدينة قبل سنوات واغلقت انقاضه بثر ماء كان في وسط البيت.

وتكمن القيمة التراثية لهذا المبنى الذي يقع على مقربة من احدى ضفاف نهر دجلة بمحافظته على حالته الانشائية والمعمارية الاولى.

يقول حيدر جاسم محمد المعاون الثقافي لمحافظ واسط لفرانس برس ان “المحافظة عازمة على شراء هذا البيت وصيانته ليصبح متحفا للمدينة يحكي قصة تاريخها وتاريخ فترة معينة عاشت فصولها، فهذا المبنى يعد معلما تاريخيا للمدينة نريد ان نحافظ عليه وعدم التفريط به”.

ويضيف “في الوقت الحاضر نعاني من مشاكل مالية تعرقل مسالة شراءالبيت بالتنسيق مع دائرة الاثار والتراث، لكننا وضعنا في اولوياتنا هذا الامر بعد رفع تخصيصات الاستثمار للمدينة من الحكومة المركزية لكي يتسنى لنا شراؤه مطلع العام المقبل وحينها نبدا بتحويل المكان الى متحف ومعلم تاريخي”.

وكان عدد من المعنيين بالعمارة العراقية القديمة والمباني التاريخية المنتشرة في عموم المدن العراقية طالبوا في وقت سابق الحكومة والجهات المعنية باعداد مسح ميداني سريع لعدد كبير من تلك المباني المهددة بالاندثار بسبب الاهمال.

وقال المعماري الشهير هشام المدفعي “على الدوائر المعنية ان تسارع وتضع الخطط اللازمة لحماية تلك المباني قبل زوالها”.