أقارب المسؤولين

Wasit News8 أغسطس 2011آخر تحديث :

الكاتب / إحسان الياسري

منذ أن خرج الإنسان من الكهوف، ومارس الصيد، فالزراعة ثم التجارة، وصولاً إلى تصنيع أجهزة الهاتف النقال، ونحن نسمح بالمسؤول وأقاربه، ومن يدّعون إنهم أقاربه.. ولقد كان من أسباب ضعف الدولة وتراخي مؤسساتها عن أداء واجباتها، وتخاذل موظفيها من الحزم في تنفيذ القانون، هو ذلك الاختراع الذي ظل يصاحب السلطة كظلها، وهو أقارب المسؤولين والمتنفذين.
ولست أُبرّيء نفسي وغيري ممن يتأثرون بهذا المُنتج الحضاري الذي يسير وجوداً وعدماً مع السلطة.. والمحظوظ مناّ، هو ذلك الذي لا يكون لعملة صلة مباشرة بالجمهور، وبحاجاتهم، وباضطرارهم إلى التوسط.
لقد أثارني لكتابة هذهِ الأسطر ما صدر عن مكتب السيد رئيس الوزراء من دعوته للمواطنين لأخذ الحيطة والحذر من بعض الأشخاص (ضِعاف النفوس) الذي يدعوّن أنهم يعملون في مكاتب رئيس الوزراء أو القائد العام للقوات المسلحة أو أقارب الرئيس. فهذهِ الدعوة المخلصة من كبار المسؤولين لتجنيب الناس ضغط (ضعاف النفوس)، وترتيبهم حقوقاً من خلال الانتساب إلى الجهات (العليا). ولكن ما هو ابعد من هذهِ الدعوة هو بيت القصيد.. فالسؤال المهم، والجدير بالعناية وبصدور التوجيهات من تلك الجهات، هو لماذا يستطيع مُدعي القرب من رئيس الوزراء أو من الوزير أو من البرلماني أن يحصل على ما لا يحصل عليه سواه. ولماذا تُلبّي شفاعات هؤلاء الناس على حساب الاستحقاقات الاعتيادية للمواطن.. ولماذا لم يسأل المسؤول الذي يحذر المواطنين من ضعاف النفوس السؤال التالي:
(طالما إن دولتنا دولة مؤسسات، لماذا يحتاج الموظف والمواطن أن يحذر من مُدعي القرب من مسؤول.. فالموظف والمواطن مُحصّن بالقانون والتعليمات وبالآليات الدستورية التي تنجز بمقتضاها المعاملات في البلد.
ما اطلبه من دولة الرئيس أن يخصص مكتب في الأمانة العامة لمجلس الوزراء له أكثر من خط ساخن يستطيع الموظف أو المواطن الاتصال به فور حصول ضغط أو ابتزاز أو تخويف من شخص يدعي انه ابن أخت الرئيس أو مدير مكتبه وليكن اسم هذا المكتب (مكتب صيانة العمل المؤسسي) يلجأ إليه أي موظف يخضع للابتزاز، ولا يضمن الحماية من دائرته، لأن رئيسها قد يكون خائفاً هو الآخر من أبن خال أو عم الرئيس.. ويستمر هذا المكتب بعمله إلى الوقت الذي يستطيع الموظف أن يتعامل مع أقارب المسؤولين بندّية، ويكون قادرا على طردهم من مكتبه بمجرد تلويحهم بإشارات التخويف أو التهديد أو الترغيب.