الثنائي المرح … وطلبة الدراسات العليا

Wasit News1 يوليو 2011آخر تحديث :

علي إسماعيل الجاف

يجلس المسؤول على مكتبه ويتصفح البريد اليومي المقدم له من قبل مدير مكتبه او حضور اجتماعات ولقاءات دون ان يعلم ما تخبيه الأوراق التي تقدم له والنوايا الحقيقية وراء كل مطالعة، طلب، مذكرة، كتاب، أمر، منشور، أعمام، …الخ فيصبح جهازا” موجها” من قبل الآخرين الذين تمنحهم مكانتهم، التقرب من ذلك المسؤول، دورا” بارزا” لدى ذلك المسؤول. فنجد ان بيان الرأي، المداولة، المناقشة، التعمق في الدراسة، تريث، تأجيل الطلب، رد الطلب، …الخ من الهوامش الكلاسيكية التي تخطاها العالم منذ عدة قرون كونها في اغلب الأحيان لا تبنى على النظريات العلمية والمنطقية وإنما على الاجتهاد الشخصي ورأي الآخرين، ولا تبنى على المصلحة العامة لديهم كون المسؤول يبحث عن أيجاد وسائل وطرق أرضاء الجمهور العام، لكن ما يراه ان تغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة عند تركه مزاولة عمله او سفره لفترة طويلة او تطبيق موضوع مقترح من قبل أولئك الذين يعملون لديه بمناصب عالية.

ويسعى المسؤول دائما الى ضرب أمثلة من الواقع الغربي الذي بذل فيه الغرب قرونا” حتى وصلوا أليه، بالإضافة؛ سعيهم لإيجاد الجديد ومواكبة التطور وإيجاد وسائل إسناد لما تم ابتداعه، ابتكاره، او إنشائه. فالواقع الذي نعيشه لا يتطلب منا ان نكون كالغرب او نقلدهم اذا صح التغيير كون البيئة والبنى التحتية لا تسمح لنا بذلك وعدم توفر الظروف المناسبة التي تكفل ديمومة ذلك الطموح الواعد لذلك المسؤول.

بالتالي، فمن يريد او يرغب في أكمال دراسته العليا يحتاج الى الدعم اللازم وليس وضع ثنائي مرح (التوفل و IC3) اللذين يقفان عائقا” أمام طلبتنا الأعزاء كون الجهات التي تقدم المعلومات لاتخرج طالبا” نموذجا” في هذين المجالين. ولنكن أكثر صراحة أساتذتنا الذين تخرجوا من اعرق وأفضل الجامعات في العالم ومضوا سنينا” هناك لا يتمكنون من التحدث بطلاقة بالغة الانكليزية (Fluently) ولا يستطيعون استخدام برامج المايكرو سوفت (Microsoft Programmes) او الانترنيت (Internet)، وهم ألان في جامعاتنا!! فتطبق الحداثة الغربية على مجموعة وتترك أخرى !!

فنرى من الضروري ان يكون هناك منهجا” موحدا” لتعلم التوفل او برامج الحاسوب يدرس في المعاهد والكليات العراقية كافة يقسم على المراحل الدراسية ليكون سهلا” وبسيطا” والأفضل ان يكون منهجا” موحدا” لبرامج (IC3) في المراحل المتوسطة والإعدادية لان واقع الحال في الغرب لا يطلب من الطالب جلب شهادة في الثنائي المرح أعلاه. وإنما الطالب اطلع، درس، فهم، تعلم، اتقن، طور، سيطر، مارس، كل هذه الأشياء مسبقا”. بعبارة أخرى، البلد بحاجة الى كفاءات علمية وإنسانية ذوي شهادات عليا كالطبيب الذي أكمل مراحل التدرج والإقامة والممارسة لعدة سنين وينتظر أكمال دراسته العليا فيفاجأ بالثنائي المرح…ويترك مشروع أكمال دراسته وكذلك الحال بالمهندس والمدرس. وما يجري ألان وضع قيود وتكبيل الطالب بمبالغ أجور الدخول في دورات تطويرية وامتحانات في الثنائي المرح (TOFEL، ILETS، IC3). وهناك حلا” أخر يمكن من خلاله حل المشكلة: وضع مناهج الثنائي المرح من ضمن مناهج الدراسات العليا بدلا” من حرمان الطالب من المشاركة، لان هناك طلبة متفوقين في مجال اختصاصهم ولديهم خبرة ومهارة عالية جدا”، ولكن …لم يحصلوا على الثنائي المرح.

ولألفت نظر المسؤول لنقطة مهمة جدا” توجد في العراق فهناك كليات تعنى بالغة الانكليزية (تربية، آداب، لغات) تخرج طلبة سنويا” بالآلاف لا يجيدون المبادئ العامة والقواعد الأساسية حول اللغة، وكذا الحال بالنسبة الى الكليات التي تعنى بالحاسوب (العلوم والهندسة) فالطلبة عند تخرجهم لا يجيدون برنامجا” واحدا” من برامج (IC3) كون دراستهم تتحدد في أمور أخرى كاللغات والبرمجة والشبكات ((Internet Technology …الخ. فلماذا نضع عقبات أمام طلبتنا والعراق في ظرفا” حرجا” للغاية ولا يحتاج طلبته إلى معاناة مر بها في أبان الفترة السابقة.

لنأخذ تجربة الأمارات ولبنان في مجال اللغة وتطوير الفرد بالحاسوب بحيث تقوم الدولة بتقديم دعما لا محدود بتوفير ألاماكن المناسبة لخلق التوأمة بين الجامعات الأجنبية وجامعاتهم وفتح المعاهد المتخصصة في مجالي اللغة والحاسوب والمختبرات العلمية والدراسات التخصصية لأنهما يمثلان “الغذاء الأمثل” الذي تتناوله وتفضله أجسادنا. وإذا لم تتوفر الظروف المناسبة فيمكن الاستفادة من المدارس والمعاهد والكليات في فترات العطل الرسمية لقامة دورات مجانية لطلبتنا الأعزاء. ولماذا لا نستحدث أسلوبا” جديدا” في الدراسة بحيث يمكن الطالب العراقي من أكمال دراسته العليا بصورة مباشرة كتجربة اليابان فتكون سنين الدراسة في الكلية (6) سنوات لمن يرغب بإكمال دراسته العليا، وتكون مدة الدراسة في المتوسطة والإعدادية (2) سنة ، بينما تكون مدة الدراسة في مرحلة الابتدائية (5) سنوات. وفي غضون جيلين سيكون العراق من أفضل الدول العربية في المنطقة وهي محاولة للقضاء على الأمية. خصوصا” الكليات العلمية التي تحتاج الى مواكبة العلم والتطور كالطب والهندسة والصيدلة والعلوم التطبيقية …الخ.

استذكر هنا مقولة العالم الانكليزي جون وليم John William في القرن التاسع عشر، الذي قال: “لا يجب على الحكومة محاربة أولئك الذين يريدون هدم منازلهم ومحلاتهم وعماراتهم ليجددوها لأنهم في النهاية سيقال على ما فعلوه ان بريطانيا أصبحت جميلة” بفضل أولئك الناس فالجميع مستفيد دون ان يكون هناك هدرا” للأموال والجهود.” ولا ننسى ان أبناء العراق هو أبناء المسئولين جميعا” وفائدتهم ستدر نفعا” للعراق وزكاة العلم نشره وتعليمه وليس ان نقول: “ناسف لا يوجد درجة أستاذ او أستاذ مساعد في جامعتنا لفتح دراسات عليا”، فهذا احتكارا” للمهنة وإعطاء الأساتذة وقتا” أطول في الخدمة تصل الى الثمانين بحجة الخبرة وهناك طوابير من الكفاءات جالسة في البيوت وكما يقول العالم الفرنسي: “يثرثر المثقف حتى يموت” فلماذا تموت شبابنا وخبراتهم ومهاراتهم العلمية التي بذلوا فيها وقتا” طويلا” بسبب الثنائي المرح! وإذا كان الجواب هكذا فماذا تقول جامعة كامبرج Cambridge College وجامعة اكسفور Oxford College اللاتي يستقبلن المئات سنويا”. أسال الله ان يخدم الطالب العراقي المظلوم…

فليس من العدل والأنصاف ان يتساوى طالب حاصل على معدل عالي عند تخرجه مع طالب حاصل على مقبول لان الاخير لا يمكنه اكمال دراسته العليا بسبب الثنائي المرح.

أخيرا”، أناشد السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي المحترم والسيد رئيس الوزراء المحترم ولجنة التربية والتعليم في البرلمان العراقي المحترمة بالتريث وإيقاف برنامج الثنائي المرح الذي يشكل عقبة والأخذ بالمقترحات المذكورة أعلاه. وان كاتب هذه السطور باحث، مؤلف، كاتب، وتربوي قد درس العديد من الطلبة وكفاءته عالية ويدرس ألان طلبة الدراسات العليا بشهادة البكالوريوس ولديه بحوث عديدة في مجال اختصاصه، لكنه لا يستطيع أكمال دراسته العليا بسبب عدم منحه أجازة دراسية ووجود الثنائي المرح ولكم منا جزيل الشكر والتقدير.